” نافورةٌ في وجه طفلة” طفل وطفلة، يلاعبان الورود والقطط، الفتاة تخافُ القطط والولد يخاف قطف الزهور ومراقبة ذبولها المحتّم، لكنهما مع ذلك يتشاركان مخاوفهما ومواجهتها أيضاً. الطفلة لا تلاعب القطط في غيابه وهو لا يشم الززهور في غيابها. من الظاهر أيضاً أن القطط لاتأتي إلى الفتاة إن لم يرافقها الولد، ولو أن للزهور يدين لكانت أطبقت على نفسها عندما تراه وحيداً، فالخوفُ سيّدْ، سيّدٌ لا يتردد في الظهور على الوجوه، على الورود، على أغصان الأشجار، حتى في عيون القطط يظهر، يظهر بلا استئذان. لكن اجتماع الخوف بالخوف يكسر هيبته، وهذا ما يحدث لديهما، كل منهما يحطم خوف الآخر، أراقبهما بحثاثة، أبتسم لهما دائماً ويبادلان ابتسامتي بضحكةٍ لَعُوب، يعرفان أنني أراقبهما، ويتصرفان كأنهما يلاعباني أيضاً . يهرعان إلى النافورة في وسط الحديقة حيث تتجمع عناصر اللهو جميعها، القطط والورود وكليهما. لعبهما غريب جداً، كأنهما في الثلاثين من عمرهما لكن بجسد طفلين، اقتربا من النافورة، غطس يديه بالماء وترك أصابعه تذرف الدموع على وجهها، يُنزلُ قطرات الماء بإحكام إلى جانبي شفتيها فتبدو كأنها سالت من فمها، ثم يراقب القطرات تعبر وجهها، وما إن وصلت إلى رقبتها اقترب وحاول شرب القطرة تلك! ثم قال : ” أنتِ نافورتي ” . أنا أتردد إلى هذه الحديقة منذ سنوات، لكن قطعاً لم أرها نضرة و ” تردّ الروح ” كما هي بوجودهما ! ذات يوم جاءت الطفلة وحدها، لا أعلم إن كان قد تأخر أم أنه لن يأتي أصلاً. كونها بمفردها يعني أنها ستلاعب الزهور فقط، بدأت تمرر يديها فوق الزهور برقّةٍ منقطعة النظير، جلست بعدها على التراب بقرب تلك الزهور، وعلى غير عادتها بدأت القطط تقترب منها، وبدأ الخوف يحشر نفسه بين أضلاعها، القطط تقترب والخوف يكبر، اقتربت منها حدّ التماس.. انتفضت الفتاة من مكانها هاربةً، علقت وردةٌ بفستانها الوردي وغادرت غصنها، هو يخشى قطف الزهور، اجتمع خوفاهما معاً الآن، لكنه ليس هنا ليكسراه سويةً. أما أنا، فماذا أقول .. لقد تسمّرت في مكاني، انقضّ عليّ الخوف! الفتاة بدأت باستجماع أنفاسها للصراخ وأنا أستجمع شجاعتي لأنقذها، لكن الخوف تمكّن مني حقاً. مضى ما يقارب الدقيقة لندركَ أنا وهي أن القطط لم تخالف عادتها، كان على بعد خطواتٍ من الوصول، لكنّ القطط شعرت به قبلنا وبدأت باللعب. وصلَ، استمرّ اللعب كالعادة، التقط الوردة العالقة بفستانها ووضعها بين خصلات شعرها، ثم طلب منها الجلوس بالقرب من الورود مجدداً وراح يتأملها كأنه يلتقط صوراً تذكارية. عندما نهضتْ قال : لا أريد لهذه الوردة أن تذبل بعيداً عنك! عندما انتهى لقاء اليوم جاءا إليّ، حضناني بلطفٍ، شعرت حينها وكأني دفترهما الذي يسجلان عليه لقاءاتهما الودودة. همّا بالمغادرة فاعترضت الطفل سائلاً : لماذا تُنزل الماء على شفتيها يا ولدي ؟ _ سلمى لا تستطيع الكلام يا عم… أردت إخبارها أن ليس الكلامَ وحدَه من يخرج من الأفواه، بل الماء أيضاً! الكاتب :قصي صيموعة rtybgvdx متابعة قراءة “” نافورةٌ في وجه طفلة” طفل وطفلة، يلاعبان الورود والقطط، الفتاة تخافُ القطط والولد يخاف قطف الزهور ومراقبة ذبولها المحتّم، لكنهما مع ذلك يتشاركان مخاوفهما ومواجهتها أيضاً. الطفلة لا تلاعب القطط في غيابه وهو لا يشم الززهور في غيابها. من الظاهر أيضاً أن القطط لاتأتي إلى الفتاة إن لم يرافقها الولد، ولو أن للزهور يدين لكانت أطبقت على نفسها عندما تراه وحيداً، فالخوفُ سيّدْ، سيّدٌ لا يتردد في الظهور على الوجوه، على الورود، على أغصان الأشجار، حتى في عيون القطط يظهر، يظهر بلا استئذان. لكن اجتماع الخوف بالخوف يكسر هيبته، وهذا ما يحدث لديهما، كل منهما يحطم خوف الآخر، أراقبهما بحثاثة، أبتسم لهما دائماً ويبادلان ابتسامتي بضحكةٍ لَعُوب، يعرفان أنني أراقبهما، ويتصرفان كأنهما يلاعباني أيضاً . يهرعان إلى النافورة في وسط الحديقة حيث تتجمع عناصر اللهو جميعها، القطط والورود وكليهما. لعبهما غريب جداً، كأنهما في الثلاثين من عمرهما لكن بجسد طفلين، اقتربا من النافورة، غطس يديه بالماء وترك أصابعه تذرف الدموع على وجهها، يُنزلُ قطرات الماء بإحكام إلى جانبي شفتيها فتبدو كأنها سالت من فمها، ثم يراقب القطرات تعبر وجهها، وما إن وصلت إلى رقبتها اقترب وحاول شرب القطرة تلك! ثم قال : ” أنتِ نافورتي ” . أنا أتردد إلى هذه الحديقة منذ سنوات، لكن قطعاً لم أرها نضرة و ” تردّ الروح ” كما هي بوجودهما ! ذات يوم جاءت الطفلة وحدها، لا أعلم إن كان قد تأخر أم أنه لن يأتي أصلاً. كونها بمفردها يعني أنها ستلاعب الزهور فقط، بدأت تمرر يديها فوق الزهور برقّةٍ منقطعة النظير، جلست بعدها على التراب بقرب تلك الزهور، وعلى غير عادتها بدأت القطط تقترب منها، وبدأ الخوف يحشر نفسه بين أضلاعها، القطط تقترب والخوف يكبر، اقتربت منها حدّ التماس.. انتفضت الفتاة من مكانها هاربةً، علقت وردةٌ بفستانها الوردي وغادرت غصنها، هو يخشى قطف الزهور، اجتمع خوفاهما معاً الآن، لكنه ليس هنا ليكسراه سويةً. أما أنا، فماذا أقول .. لقد تسمّرت في مكاني، انقضّ عليّ الخوف! الفتاة بدأت باستجماع أنفاسها للصراخ وأنا أستجمع شجاعتي لأنقذها، لكن الخوف تمكّن مني حقاً. مضى ما يقارب الدقيقة لندركَ أنا وهي أن القطط لم تخالف عادتها، كان على بعد خطواتٍ من الوصول، لكنّ القطط شعرت به قبلنا وبدأت باللعب. وصلَ، استمرّ اللعب كالعادة، التقط الوردة العالقة بفستانها ووضعها بين خصلات شعرها، ثم طلب منها الجلوس بالقرب من الورود مجدداً وراح يتأملها كأنه يلتقط صوراً تذكارية. عندما نهضتْ قال : لا أريد لهذه الوردة أن تذبل بعيداً عنك! عندما انتهى لقاء اليوم جاءا إليّ، حضناني بلطفٍ، شعرت حينها وكأني دفترهما الذي يسجلان عليه لقاءاتهما الودودة. همّا بالمغادرة فاعترضت الطفل سائلاً : لماذا تُنزل الماء على شفتيها يا ولدي ؟ _ سلمى لا تستطيع الكلام يا عم… أردت إخبارها أن ليس الكلامَ وحدَه من يخرج من الأفواه، بل الماء أيضاً! الكاتب :قصي صيموعة” →
The Journey Begins Thanks for joining me! Good company in a journey makes the way seem shorter. — Izaak Walton